تناقض موقف حكومة البرهان: مطالبة المجتمع الدولي بإدانة الدعم السريع في الفاشر، ثم رفض لجنة تقصي الحقائق يثير الجدل حول الشفافية والمساءلة.
🇸🇩 تحليل مفارقة الفاشر: لماذا طالبت حكومة البرهان بالإدانة ورفضت تقصي الحقائق؟
تُعد مدينة **الفاشر**، عاصمة ولاية شمال دارفور، نقطة محورية في الصراع السوداني الدائر بين الجيش السوداني بقيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة الفريق أول محمد حمدان دقلو "حميدتي". خلال الأسابيع الماضية، تصاعدت حدة المعارك حول المدينة، مما دفع حكومة البرهان إلى مخاطبة المجتمع الدولي والأمم المتحدة بشكل حازم، مطالبة إياهم بـ**إدانة** قوات الدعم السريع لانتهاكاتها المزعومة وتهديدها للمدنيين والبنية التحتية.
المطلب الدولي.. والرد الرافض
كانت المطالبة بالإدانة تمثل محاولة دبلوماسية للجيش السوداني لحشد الدعم الدولي ووضع قوات الدعم السريع تحت ضغط المساءلة القانونية والأخلاقية العالمية، خاصة في ظل المخاوف المتزايدة من تكرار سيناريوهات العنف المفرط الذي شهدته مناطق أخرى في دارفور.
إلا أن المشهد سرعان ما تحول إلى **مفارقة سياسية ودبلوماسية** عندما صدر قرار دولي، على الأغلب من مجلس الأمن أو جهة أممية ذات صلة، يتضمن ليس فقط دعوة لوقف القتال، بل أيضاً تشكيل **لجنة لتقصي الحقائق** أو آلية لمراقبة الأوضاع على الأرض وتحديد المسؤوليات عن الانتهاكات. هنا، جاء الرد الصادم من الحكومة السودانية برفض أو التحفظ الشديد على التعاون مع هذه اللجنة.
لماذا ترفض الحكومة لجنة تقصي الحقائق؟
هذا التناقض يضع الحكومة السودانية في موقف حرج ويثير العديد من علامات الاستفهام حول دوافعها الحقيقية. يمكن تحليل أسباب هذا الرفض المحتمل من عدة زوايا:
1. الهاجس السيادي والتدخل الخارجي
السبب الأبرز والأكثر شيوعاً هو **التمسك بمبدأ السيادة الوطنية**. ترى الحكومة أن تشكيل لجان تقصي حقائق دولية يمثل تدخلاً مباشراً في الشؤون الداخلية السودانية وتعدياً على سلطة القضاء والمؤسسات الوطنية للتحقيق ومحاسبة مرتكبي الجرائم. هذا الرفض ليس بجديد في تاريخ العلاقات السودانية مع المنظمات الدولية.
2. الخوف من المساءلة المزدوجة (التحقيق الشامل)
عندما تطالب الحكومة بإدانة طرف واحد (الدعم السريع)، فإنها تسعى لتحقيق **إدانة منتقاة** تخدم موقفها في الصراع. لكن لجنة تقصي الحقائق الدولية لا تقتصر تحقيقاتها على طرف واحد. بل تهدف إلى تحديد المسؤولية عن الانتهاكات التي ارتكبتها **كافة الأطراف** المتحاربة، بما في ذلك الجيش السوداني نفسه أو القوات التابعة له.
3. تسييس نتائج التحقيق
قد يكون لدى الحكومة شكوك بأن هذه اللجان قد تكون مسيّسة أو متحيزة لطرف دون آخر، أو أن يتم استخدام نتائجها للضغط عليها لتحقيق مكاسب سياسية أو دبلوماسية لا تخدم مصالحها في المرحلة الحالية من الصراع.
- **الهاجس السيادي:** التمسك بمبدأ السيادة الوطنية ورفض التدخل.
- **المساءلة المزدوجة:** الخوف من كشف انتهاكات جميع الأطراف، بما فيها الجيش.
- **تسييس النتائج:** الشكوك في حيادية اللجان الدولية.
التداعيات على الموقف الدبلوماسي
هذا الموقف المتردد يوجه **ضربة قوية** للموقف الدبلوماسي للجيش السوداني. فكيف يمكن للمجتمع الدولي أن يأخذ مطالب الإدانة على محمل الجد، في الوقت الذي ترفض فيه الحكومة الآلية الوحيدة التي يمكن أن توفر الأدلة الدامغة والمحايدة اللازمة لتلك الإدانة؟
"العدالة والمساءلة لا تتجزأ، ورفض إحدى الأدوات يقوض الهدف الأسمى المتمثل في حماية المدنيين وتحقيق الاستقرار في السودان."
الخلاصة والآفاق المستقبلية
تُعتبر قضية الفاشر ورفض لجنة تقصي الحقائق تجسيداً للصراع بين **السيادة والمساءلة** في القانون الدولي. تسعى حكومة البرهان لاستغلال الشرعية الدولية لإدانة خصمها، لكنها ترفض الانخراط في عملية قد تُعرضها هي أيضاً للمساءلة.
إذا أرادت الحكومة السودانية كسب ثقة المجتمع الدولي وضمان إدانة حقيقية وفاعلة لانتهاكات قوات الدعم السريع، فإن أفضل طريق لذلك هو إظهار **الشفافية الكاملة** والتعاون غير المشروط مع آليات تقصي الحقائق المستقلة.
📱 تابع وشارك عبر وسائل التواصل:
📚 روابط داخلية تهمك:
🌐 روابط خارجية موثوقة:
تم إعداد هذا المحتوى بواسطة فريق مجلة الأحداث ✍️ جميع الحقوق محفوظة © 2025
🔍 تحسين الفهرسة والزحف
تم تحسين هذا المقال ليتوافق مع خوارزميات الزحف الخاصة بمحركات البحث مثل Googlebot وBingbot، لضمان ظهور أحدث التحديثات في نتائج البحث.
🕓 آخر تحديث للمقال يتم تلقائيًا عند إعادة الزحف بواسطة محركات البحث.

