السودان في مهب الكوارث: كارثة جبل مرة تفرض نفسها وسط جدل "حكومة تأسيس"
في لحظة تاريخية فارقة، يجد السودان نفسه أمام تحديات مصيرية تتشابك فيها الأزمات الإنسانية والسياسية والأمنية والاقتصادية. بينما تتصدر عناوين الصحف مأساة جبل مرة التي محت قرية بأكملها، يبرز على الساحة السياسية لاعب جديد يطلق على نفسه حكومة تأسيس، مما يعمق حالة الانقسام ويطرح تساؤلات حول مستقبل البلاد. هذا المقال يحلل أبرز المستجدات ويستعرض كيف تتفاعل هذه الملفات المعقدة لتشكل المشهد السوداني اليوم.
مأساة "ترسين": كارثة طبيعية تفتح جراحاً سياسية
لم يكن حادث الانهيار الأرضي في قرية ترسين بجبل مرة مجرد كارثة طبيعية عابرة، بل تحول إلى اختبار حقيقي لقدرة الدولة على الاستجابة للأزمات. التقارير الأولية، التي تشكك فيها الأمم المتحدة، تتحدث عن سقوط أكثر من ألف ضحية واختفاء قرية بالكامل تحت الأنقاض. هذه الأرقام المروعة دفعت زعماء بارزين مثل عبد الواحد نور ومناوي والهادي إدريس إلى إطلاق نداءات عاجلة، حيث طالب نور بوضع خطة إخلاء شاملة للمناطق المهددة، بينما وصف مناوي الكارثة بأنها "مأساة إنسانية تتجاوز حدود دارفور".
بينما أعلنت "حكومة تأسيس" ترسين "منطقة طوارئ" وأمرت بإرسال قوافل إغاثية، يظل التساؤل حول سرعة الاستجابة وكفايتها. يتطلب هذا الوضع تنسيقاً استثنائياً بين جميع الأطراف، بما في ذلك المنظمات الدولية، لتقديم المساعدة الضرورية من غذاء ودواء ومياه وخيام، في ظل شكوك قائمة حول عدد الضحايا الحقيقي. هذه الكارثة تسلط الضوء مرة أخرى على هشاشة الأوضاع الإنسانية في مناطق النزاع.
"حكومة تأسيس": لاعب جديد يزيد المشهد تعقيداً
في خضم الكارثة الإنسانية، ظهرت "حكومة تأسيس" على الساحة السياسية، مثيرةً جدلاً واسعاً. رئيسها، التعايشي، ألقى أول خطاب له من نيالا، مؤكداً على أولويات حكومته. ومع ذلك، لم يمر ظهورها دون عواقب، حيث هز انفجاران مدينة نيالا بعد ساعة من الخطاب، مما تشير مصادر إلى أنه قد يكون غارة من طائرة مسيرة. هذا التطور الأمني يثير مخاوف جدية من أن يتكرر في السودان النموذج الليبي أو الصومالي، حيث تتعدد الحكومات المتنافسة وتغرق البلاد في صراعات لا نهاية لها.
تتزامن هذه التطورات مع تعيين التعايشي للدكتور قوني مصطفى مندوباً دائماً للسودان لدى الأمم المتحدة، وهو ما يطرح تساؤلات حول شرعية هذا التعيين وتأثيره على تمثيل السودان في المحافل الدولية، خاصة وأن بعثة السودان علقت على القرار. يضاف إلى ذلك حالة الجدل التي أثارتها تصريحات المصباح، مما يعيد إلى الواجهة التساؤلات حول موقعه السياسي في مصر.
تدهور أمني واقتصادي يهدد الاستقرار
إلى جانب الأزمات السياسية والإنسانية، يواجه السودان تدهوراً مستمراً على الصعيدين الأمني والاقتصادي. ففي الخرطوم، تفيد التقارير بأن المدينة تغرق في الفوضى الليلية، حيث يواجه المواطنون الاعتداءات في الشوارع، بينما أدى انفجار داخل مقابر الكدرو إلى سقوط ضحايا. هذا الوضع الأمني المتردي يدفع شخصيات مثل شيبة ضرار إلى المطالبة بإقالة جميع الولاة باستثناء اثنين.
على الصعيد الاقتصادي، الأوضاع لا تقل سوءاً. تراجع إنتاج الزراعة لدى نسبة كبيرة من المزارعين في دارفور وكردفان بسبب النزاع، في حين تشير التقارير إلى ارتفاع جنوني في أسعار السلع الأساسية. هذا التدهور دفع وزارة الطاقة إلى إصدار أمر بإجلاء موظفيها من هجليج، محذرة من انهيار المنشآت النفطية. وبينما يبدأ السودان بتصدير الذهب إلى دولة خليجية بعد توقف التعامل مع الإمارات، تبرز أنباء عن زيارة سرية لوفد حكومي يعرض ميناء بورتسودان على السعودية.
خاتمة وتساؤلات للمستقبل
في ظل هذه الأزمات المتراكمة، يبرز سؤال كبير: هل سيتمكن السودان من تجاوز هذه المرحلة الحرجة؟ كارثة جبل مرة هي دعوة عاجلة للوحدة والعمل الإنساني المشترك، بينما ظهور "حكومة تأسيس" يزيد من تعقيد المشهد السياسي. يحتاج السودان اليوم إلى رؤية وطنية موحدة، كما تدعو إليها مبادرة "نداء سلام السودان"، لإنهاء الحرب وتأسيس سلام مستدام.
✍️ رأي الأحداث
ترى مجلة الأحداث أن كارثة جبل مرة لم تعد مجرد مأساة طبيعية، بل أصبحت مرآة تكشف عمق الفشل السياسي والإداري في إدارة الأزمات بالسودان. ظهور "حكومة تأسيس" في هذا التوقيت يعكس حجم الانقسام، بينما يظل المواطن البسيط هو الضحية الحقيقية. الحل يكمن في إرادة وطنية جامعة تتجاوز الحسابات الضيقة وتعيد الاعتبار للإنسان السوداني.
📱 تابع وشارك عبر وسائل التواصل:
📚 روابط داخلية تهمك:
🌐 روابط خارجية موثوقة:
تم إعداد هذا المحتوى بواسطة فريق مجلة الأحداث ✍️ جميع الحقوق محفوظة © 2025